الطريق السيارة بوسالم _الجزائر..أي إنعكاسات على التنمية بالولاية؟

مسارات الطريق السيارة بوسالم جندوبة..أي إنعكاسات على التنمية بالولاية؟

انعقد بتونس أواخر شهر نوفمبر 2016 المؤتمر الدولي للاستثمار الذي يهدف إلى حشد التمويل اللازم لتطوير مشاريع كبرى للبنية التحتية
من ضمن هذه المشاريع الطريق السيارة بوسالم جندوبة الذي يندرج ضمن خطة أوسع لإنشاء طريق سيارة مغاربية تربط طرابلس الغرب بالعاصمة المغربية الرباط، ما يهمنا هنا هو الجزء الرابط بين بوسالم و جندوبة مركز الولاية و هو جزء بطول 35 كم و كما يبرز من ورقات المؤتمر فإن التمويل سيكون عبر ميزانية الدولة عن طريق قرض خارجي
شركة الدراسات STUDI International التي قامت بدراسة مشروع الطريق السيارة بوسالم الجزائر قسمت المشروع إلى أربعة أقساط

القسط الأول: بوسالم دوار العرب (فرضية واحدة)
القسط الثاني : فرضيتان
المسار الشمالي : دوار العرب – بلاريجا(وراء جبل ربيعة) – فرنانة
المسار الجنوبي : دوار العرب – بلاريجا – جندوبة – فرنانة
القسط الثالث: فرنانة – عين البية
القسط الرابع : ثلاث فرضيات
الفرضية الأولى : عين البية البراهمي (بجانب سد بربرة) – الجزائر
الفرضية الثانية : عين البية البراهمي (بجانب سد بربرة) – الجزائر
الفرضية الثالثة : عين البية البراهمي – الجزائر

موضوعنا هنا هو أساسا القسط الثاني من المشروع، المتأمل في الفرضيتين يلاحظ أن المسار الأول تجاهل مدينة جندوبة بحيث لن تستفاد المدينة بثقلها الديمغرافي و كأنه جعل أساسا للإسراع في حركة السياح الجزائريين نحو مدن الشرق التونسي ويتجاهل بذلك أحقية مدن كجندوبة الكبرى ( الشمالية و الجنوبية ) ( قرابة 120 ألف نسمة ) واد مليز ( 20 ألف نسمة ) و غار دماء ( 70 ألف نسمة ) من الإستفادة من هذا المشروع فهذه الفرضية علاوة على أنها تمر عبر مناطق جبلية وعرة تحتم على الطريق انجاز 3 جسور بكلفة عالية هذا دون ذكر المشاكل العقارية و الفلاحية التي سيتسبب بها الطريق. فإنها تتجاهل هشاشة النسيج الصناعي الذي يحتاج إلى عناصر جذب لتدعيم البنية التحتية المهترأة و ما الطريق السيارة إلاّ لبنة مهمة لتدعيمها و ربط المناطق الصناعية بالجهة بأهم موانئ البلاد و بمراكز التوزيع
إن الفوائد المترتبة عن اختيار المسار الجنوبي للطريق السيارة عديدة و ستساهم في تدعيم كل القطاعات الحيوية بالبلاد بل و ستخلق قطب تنموي في الشمال الغربي و فيما يلي البعض من إيجابيات المسار الجنوبي:
كلفة أقل:
الكلفة المالية للمسار الجنوبي يمكن من توفير قرابة 185 مليون دينار مع العلم أن شركة الدراسات منحت المسار الجنوبي 66.7 من 100 نقطة ممكنة مقابل 58 من100 نقطة ممكنة للمسار الشمالي
القطاع الصناعي:
ربط المنطقة الصناعية الإرتياح بأهم موانئ البلاد، العاصمة، كبرى مدن البلاد دون نسيان ربطها المباشر بسوق استهلاكية تضم 35 مليون مستهلك ( الجزائر ) مما سيجعلها نقطة قوة و يدفع إلى جذب كبار الصناعيين للاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع الجزائر مما سيحتم في وقت آخر توسعة المناطق الصناعية بالجهة (جندوبة، الإرتياح 1 و 2، بن بشير، فرنانة، واد مليز و غار دماء) مع ما يمكن أن توفره من آلاف مواطن شغل
توفير سبل النجاح للقطب التكنولوجي و التنموي المزمع انجازه بجندوبة ( بداية الغيث لهذا المشروع الرائد تمثلت في تكوين شركة للتصرف في القطب الصناعي والتكنولوجي برأس مال يقدر بـ3 مليارات ستنطلق شركة التصرف في إنجاز الدراسات الفنية والتسوية العقارية للأراضي بالإضافة إلى إعداد وتنفيذ برنامج ترويجي للجهة لاستقطاب المستثمرين وتشييد بعض المحلات الصناعية ) و ذلك عبر ربطه بنسيج صناعي غير هشّ علاوة عن ربطه بمراكز البحث و التطوير و فك عزلته مما يسهم استقدام الخبراء و الباحثين للمركز
اقتراب الطريق السيارة أكثر ما يمكن للمنطقة الحرة بغار الدماء ( المزمع انجازها ) و بالتالي جاذبية أكثر للإستثمار في الولاية
القطاع السياحي :
تسهيل الوصول لمواقع ذات جذب سياحي كبلارجيا، شمتو، عين سلطان، و الفايجة مما سيدعم المسالك السياحية الموجودة و سيدعم المسالك المزمع انجازها كالمسلك السياحي الذي يربط الفائجة بعين دراهم وإدراج منطقة بني مطير بفرنانة ضمن المناطق السياحية
دعم حضوض المشروع الخاص القطب التنموي والخدماتي ببلايجيا ( مشروع معطل:الباعث : شركة البعث العقاري “المحظوظين” ) و يتمثل المشروع في بعث قطب تنموي مندمج بمنطقة بلاريجيا على مساحة تقدر بــ 65 هك، يحتوي على مركب تجاري ومركز مؤتمرات ومدينة ألعاب ونزل ومصحة متعددة الاختصاصات ومنطقة سكنية ومركب رياضي ومركب تربوي
قطاع التعليم العالي :
فك العزلة عن مدينة جندوبة مما يسهل استقدام الأساتذة من الدرجة أ لجامعة جندوبة مع ما يمثله ذلك من رفع نسبة التأطير وتعزيز وحدات ومخابر البحث وهي عوامل من شأنها أن تعزز البنية التحتية والرصيد البشري وتحسن النتائج
قطاع النقل :
مع الإذن في إنجاز محطة النقل متعدد الوسائط بالشمال الغربي فإن المسار الجنوبي مع مروره بمنطقة بن بشير سيجعل منه شريان أساسي لدعم و انصهار كل ولايات الشمال الغربي في كيان اقتصادي قوي هذا علاوة عن مرور السكك الحديدية بالقرب منه و مع تفعيل القطار المغاربي ستتحول الجهة إلى قطب لوجيستي مهم في خارطة التنمية في البلاد التونسية
قطاع الصحة :
سهولة استقدام أطباء الإختصاص للمستشفى الجهوي بجندوبة و بالتالي تفعيل إقراره كمؤسسة استشفائية جامعية خصوصا مع الإذن ببناء مستشفى جهوي صنف ب بمعتمدية غار دماء و انطلاق اشغال المركز الإقليمي للأمراض السرطانية مما سيجعل من الولاية قطبا صحيا و يخلق الحيوية و النجاعة الاقتصادية لبعث مشاريع مصحات خاصة الشئ الذي سيدعم حضوض الولاية لتركيز كلية طب

بعد كل ما استعرضناه يمكن أن نقول أن ولاية جندوبة تقف على منعرج مهم في تاريخها نحن هنا لا نعطي الموضوع أكبر من حجمه لأنه بالفعل من طينة المواضيع المصيرية فالخيار الشمالي للقسط الثاني لن يغير الكثير في الولاية غير أنها ستكون نقطة عبور فقط لأنه يتجاهل كبرى مدن الولاية التي لها امكانيات تطور مهمة و بالتالي عناصر الجذب الأساسية لاستقدام المستثمرين و السياح و بهذا عوض تدعيم البنية التحتية بها لتحفيز المستثمرين على الإنتصاب بها فإنه يحد من كل امكانيات النمو بها إذا ما قارناها بولايات أخرى
أما المسار الجنوبي فهو لا يضع الولاية على خارطة طريق الإستثمار و الفرص الواعدة بل سيمكن من توسع المدينة نحو شمال واد مجردة و بالتالي دفع الإدارات العمومية، البنوك، الأطباء و المحامين لفتح فروع و مكاتب بجندوبة الشمالية مما يعزز الدورة الإقتصادية و يزيد من توفير مواطن الشغل
إن اللامكزية تحتم وجود مراكز جذب كبرى داخل كل إقليم و داخل كل ولاية و من البديهي أن تضطلع جندوبة الكبرى (الشمالية و الجنوبية) بمركز الإشعاع داخل الولاية لأسباب جغرافية ( تقع وسط الولاية ) و اقتصادية ( 120 ألف مستهلك ) علاوة عن أنها مركز الولاية و المسار الجنوبي سيعطي للمدينة الأجنحة اللازمة لإقلاعها و تُبوئها المركز الذي تستحقه في خريطة الإقتصاد التونسي

الكرة الآن عند الجنادبة ( رغم عزوفهم عن الإنخراط في الحياة العامة ) و خصوصا المجتمع المدني للقيام بكل ما يلزم للدفع نحو الخيار الجنوبي رغم بعض الخطوات من قبل بعض الجمعيات منها على سبيل الذكر لا الحصر حركة الفصل 12 من الدستور التونسي بجندوبة
الآن الدعوة موجهة إلى عموم متساكني جندوبة و كل الجنادبة أين ما كانوا و كل محبي جندوبة إلى التحرك و التنظم داخل جمعيات و التفكير أنه بتحقيق مصلحة جماعية سيستفيد الجميع بما فيهم الأجيال القادمة
و تذكروا الآية الكريمة :{فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض} [الرعد: 17]

 

من إمضاء سفيان صديقي

شاهد أيضاً

أول موقع في الشمال الغربي يعمل على دعم المنتوج التونسي و مساندة الحرفيين و أصحاب المشاريع الصغرى

مجردة هو أول موقع تونسي تأسس في ديسمبر 2021 في الشمال الغربي باش يكون دافع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.