هي لوحة فنية أبدع الخالق في نسج خيوط جمالها فتداخلت الطبيعة الخضراء بلون القرميد الأحمر الزاهي و المدفأة التي تعلو كل أسقف البيوت و المنازل.
مدينة ألهمت شاعر الخضراء، الشابي، فهز الشوق إليها شاعرا و سائحا يبحث عن الهدوء و الراحة بين خرير المياه العذبة و زقزقة العصافير، فصعد الصخرة بفج الأطلال أين نظم قصائده..
عين دراهم وصفها البعض بالجنة الضائعة و البعض الآخر بعروس الشمال فعلى مدار الفصول ترتدي أبهى الحلل، هذه المدينة كانت محط أنظار الجميع، فأغرت الفرنسيين الذين بنوا فيها أفخر المنازل كما شيد الحبيب بورقيبة قصرا يقضي به عطلته من حين لآخر، و تم بعد الإستقلال إستغلال العديد من المنشآت التي تركها المستعمر كالمؤسسات التربوية و العمومية( بلدية، معتمدية، مدرس سياحية…) ..
إشتهرت المدينة بصناعاتها التقليدية و لقد أحدثت قرية حرفية تشغل أكثر من 400 عامل و دار شباب بمواصفات ممتازة تحول إلى فضاء يؤمه الزوار من مختلف جهات البلاد. هنا تقضي أفواج الكشافة عطلتها و تقام التظاهرات و الملتقيات و تحول فضاء نادي الزان إلى فضاء تلتقي فيه النخبة المثقفة.
هي ملجأ للسائح حين تسحره عيون الماء العذبة و الغابة الجميلة و الأزهار الفواحة فتعددت الوحدات الفندقية أملا في أن تتحول المدينة إلى قطب سياحي، إستشفائي و رياضي…
__________ واقع مرير ________
صورة هذه العروس تحولت اليوم إلى عجوز غزت التجاعيد وجهها الجميل.. صورة توحي بالموت و الخراب و الآثار التي تروي حكايات زمن جميل، و أنت تجوب شارع الحبيب بورقيبة تحاصرك أملاك الأجانب و قد تهدمت و تحولت إلى مرتع للجرذان و المنحرفين.
في عين دراهم هدموا نادي الزان الثقافي و دار الثقافة و أغلقوا بعض الوحدات الفندقية و أهملوا العيون و المدارج … تركوا المناخ القاسي يفعل فعله في عدة مؤسسات حيوية فانتشرت فيها الرطوبة و أصبحت متداعية للسقوط، هدموا تمثالا فريدا قبالة مقر البلدية، أوصدوا أبواب نزل الفرنان أعرق وحدة فندقية بالجهة، و أغلقت القرية الحرفية لتحيل العشرات من الحرفيين على البطالة و من ثم إندثار العديد من الحرف. هذا فضلا عن تعمد البعض إغلاق مصنع الأحذية، المؤسسة الوحيدة المشغلة بالجهة.
إلى اليوم تبقى عدة مشاريع رهينة الرفوف من بينها القرية السياحية فج الأطلال و التيليفيريك المشروع الحلم بالنسبة لأهالي عين دراهم.
تستقبلك عين دراهم اليوم بمصبات الفضلات و عيون طالها الإهمال .. تستقبلك بصورة باهتة لا توحي بأنك في مدينة سياحية…
عين دراهم التي كانت قبلة العشاق و الشعراء أصبحت مهملة مفقرة فعلى صدور أبنائها يجثم عبء ثقيل…
مقال عمار مويهبي