يعود أطفالهم إلى مدارسهم وكلهم أملا بسنة حافلة بالنجاحات والتألق حالمين بان يصبحو كوادر دولة فكل ظروف الراحة متوفرة وطريق النجاح مفروشة بالورود ، الملابس أنيقة والمحافظ جديدة ، أما في مدارسنا فالوضع مختلف ، فاليوم هو بداية لسنة جديدة من الشقاء والعذاب ، اليوم يعود السير لكيلومترات عديدة لنصل إلى مدارسنا ، بملابسنا المتهرئة ومحافظنا القديمة ، بدموع على الخدود وبألم في القلوب ، لا أملا يحدونا ولا خيرا نستبشر به ، فتونسنا ليست تونسهم ووضعنا ليس وضعهم . نحلم بأن نصبح طبيب ، ومدير ومهندس وأستاذ ومحامي و قاضي ، لكن الظروف أرادت أن نقطع حلمنا ، ولزاما علينا أن نعيش قدرنا ،بأقدام حافية نسير لكيلومترات ونقطع الأودية وندوس الأشواك ، برؤوس عارية نستقبل المطر وببطون خاوية نحتضن الجوع ، لنصل في الأخير إلى مدرسة غير المدارس ، أين الماء فيها مقطوع ، وأين النور فيها مجرد شموع ، طاولة فاتها الزمن وسبورة لفظها الزمان . لكن ورغم تلك الظروف فإننا نحاول مقارعتها ، فنحتمل البرد والجوع ونحتمل البعد والحاجة والحرمان وننجح في دراستنا ونرتوي من العلم الشيء الكثير أملا في صناعة وضع جديد غير وضعنا ونحن أطفال ، يغيب فيه العذاب وتحضر الراحة ، تغيب الحاجة ويحضر الإكتفاء .
الكثير من تلاميذ عين دراهم و الشمال الغربي عموما ; خاصة الأرياف يعيشون وضعا تعيسا وبائسا لكنه لن يكون حاجزا أمام نجاحهم وتألقهم ، فالفقراء هم من يصنعون التاريخ ، وهم من يبنون مجد بلادهم . فيا أبناء موطني تشبثو بخيوط الأمل مهما كانت رفيعة وجابهو الصعاب والأتعاب فيوم ما ستتغير ” تونسنا “