أعلن وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي أن الوزارة أحالت إلى رئاسة الحكومة مشروع قانون “الخدمة الوطنية” الجديد وأربعة “أوامر ترتيبية” خاصة بتطبيقه، وأن “الرافل” سيعود لكن بشكل قانوني.
وقال الوزير خلال اجتماع مع “لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح” (يوم 13 فيفري 2018) أن مشروع القانون ينصّ على “وجوبية تسوية الوضعية إزاء قانون الخدمة الوطنية لكل تونسي ذكر أو أنثى مثلما نص عليه الفصل التاسع من الدستور”.
وينصّ هذا الفصل على أن “الحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حرمته واجب مقدس على كل المواطنين” وأن “الخدمة الوطنية واجب حسب الصيغ والشروط التي يضبطها القانون”.
وقبل حوالي عام، وتحديدا يوم 30 نوفمبر 2017، حذّر وزير الدّفاع عبد الكريم الزبيدي أمام جلسة عامة عقدها البرلمان لمناقشة ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2018، من أن هناك عزوفا “شبه تام” من قبل الشباب التونسي عن أداء الخدمة الوطنية خصوصا خلال عاميْ 2015 و2016 مقرّا بأن هذا العزوف أصبح “من أهم شواغل المؤسسة العسكرية” في تونس.
ويومئذ قال الزبيدي أنه في سنة 2017، بلغ 48 ألف شاب تونسي (مواليد 1997) السن القانونية للتجنيد (20 عاما)، وأنه لم يتقدم منهم طواعية إلى الخدمة العسكرية سوى 300، قبلت منهم وزارة الدفاع 94 شابا فقط.
وأضاف أن هناك قضايا منشورة أمام القضاء العسكري بسبب “تخلّف” 200 ألف تونسي عن أداء الواجب الوطني رغم تلقيهم دعوات في هذا الشأن من وزارة الدفاع الوطني، متعهدا بأن إدارة القضاء العسكري “ستقوم بتطبيق الإجراءات القانونية لإجبار المتخلفين على تسوية وضعياتهم إزاء قانون الخدمة الوطنية، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية”.
إلغاء “التعيينات الفرديّة”
“يتميّز” مشروع القانون الأساسي الجديد للخدمة الوطنية بـ”التخلّي” عن
“آلية التعيينات الفردية نظرا لتعارضها مع مبدأ المساواة” بين كل
المواطنين، المنصوص عليه في الدستور، طبقا لكلام الوزير.
وذكّر الوزير أنه قرّر وقف العمل بهذه الآلية عندما تولّى وزارة الدفاع سنة 2011 “لأن الواجب الوطني لا يباع ولا يشترى، ويلزم أن يؤدي الجميع الواجب الوطني، الفقير والغنيّ”.
وكان من يستفيد من آلية التعيينات الفردية “يدفع كل شهر 100 أو 150
دينارا، وبعد12 شهرا يحصل على وثيقة تقول إنه سوّى وضعيته إزاء الخدمة
الوطنية”، وفق الوزير.
“الرافل” سيعود لكن بالقانون
وردّا على اقتراح النائبة ناجية عبد الحفيظ، إعادة العمل بما يُعرف باسم
“الرافل” (حملات أمنية في الفضاءات العامة لضبط المتخلفين عن أداء الخدمة
العسكرية، ثم تجنيدهم قسريا)، قال وزير الدفاع إنّ “الرافل سوف يعود
بطبيعته إذا مرّ القانون الأساسي للخدمة الوطنية” في البرلمان لكنه سيكون
إجراء “قانونيا” وليس “تعسّفيا” مثلما كان قبل الثورة.
وذكر عبد الكريم الزبيدي بأنه هو من قرّر إيقاف العمل بإجراء “الرافل”
عندما تولّى وزارة الدفاع سنة 2011 وذلك لأن “الرافل لم يكن موجها إلى عموم
الناس” بل كان يستهدف “فحسب” فئة معيّنة من الشباب، لم يسمّها. ولاحظ أن
الخدمة العسكرية “واجب وطني مقدس” و”ليست عقابا” وأن أداءها “لا يكون
بالقوّة بل طواعية”. ويعتبر مراقبون أن إلغاء العمل بإجراء “الرافل” كان من
بين أسباب تراجع عدد المجنّدين في الجيش التونسي.
طاقة استيعاب الثكنات، محدودة
سنويا، يبلغ ما بين 50 ألفا و60 ألف تونسي سنّ العشرين، السن القانونية
لأداء الخدمة العسكرية، وفق وزير الدفاع الذي أقرّ بأن الثكنات العسكرية في
تونس لا تستطيع استيعاب كامل هذا العدد وأن قدرتها القصوى لا تتعدى 20 ألف
مجنّد في السنة.
وأرجع الوزير ذلك إلى الحالة السيئة للبنية التحتية للثكنات التي بُنِي
أغلبها زمن الاستعمار، وإلى غياب “الاستشراف” صلب الوزارة ما أدى إلى عدم
مواكبة البنية التحتية للثكنات التطورات التي عرفتها البلاد خصوصا من
الناحية الديمغرافية.
وقبل الثورة، كان يتقدم إلى الخدمة العسكرية “ما بين 2400 و3200 شاب” سنويا، حسب ما أعلن في وقت سابق، ناطق رسمي باسم وزارة الدفاع.
وحسب المسؤول نفسه، تقدّم بعد الثورة مباشرة (سنة 2011) حوالي 16 ألف شاب
طواعية إلى الإدارات العامة للتعبئة والتجنيد مطالبين بتمكينهم من أداء
الخدمة العسكرية، بينهم كثيرون أعمارهم دون السن القانونية للتجنيد.
خدمة عسكرية وأخرى “مدنيّة” بمقابل مالي
حدد مشروع القانون الأساسي نوعين اثنين من الخدمة الوطنية، الأول هو الخدمة العسكرية التقليدية، والثاني هو الخدمة “المدنية”.
ووفق وزير الدفاع، تؤدّى الخدمة المدنية “لدى كل الهياكل العمومية التي
تريد، والتي عندها حاجات، وذلك في إطار اتفاقيات مع وزارة الدفاع”. كما
“تُحْمَل النفقات والامتيازات الممنوحة للمجندين في إطار الخدمة الوطنية
على ميزانية الهياكل المستفيدة”.
وبموجب مشروع القانون سيؤدي حملة الشهائد العليا (باكالوريا زائد ثلاثة على
الأقل) الخدمة الوطنية لمدة سنة في هياكل عمومية يتمّ توجيههم إليها حسب
اختصاصاتهم العلمية، مع الحصول على مقابل مالي شهري.
وتوقع الوزير أن يكون للخدمة المدنية “دور كبير في تشغيل الشباب لأنها
ستمثّل أول اتصال لهم مع الحياة النشيطة بعد الدراسة في الجامعة”.
أما “من ليس له اختصاص ويكون عاملا يوميا، نقوم باتفاق مع وزارة البيئة أو
البلدية ونقول له أنت مسؤول (عن التنظيف) من هذا المفترق الى ذلك المفترق
مقابل ثلاثمائة أو أربعمائة دينار من البلدية” وفق وزير الدفاع.
وسنة 2011 أصدرت وزارة الدفاع الأمر عدد 626 بتاريخ 28 ماي 2011، الذي ينص
على تمكين المجندين من منحة شهرية قدرها 200 دينار بالنسبة لأصحاب الشهائد
العليا، و100 دينار للمجندين الأقل مستوى.