قطاع الفلاحة في تونس، الجدار الأخير في القلعة المنهارة…


الفلاحة للاسف ليست السياحة…..

ذات عملية إرهابية استهدفت نزلاء أحد الفنادق، أظلمت الدنيا، واهتز البلد، وارتجت الأرض حتى تخيلنا أن قيامتنا قد قامت!

الحدث كان مزلزلا بلا شك .. لكن التعويضات التي أعطيت للفندق المتضرر من وراء ما حدث كانت مزلزلة أيضا.. ففي النهاية، نحن نقبل أن يسقط المعبد على رؤوسنا جميعا، إلا أن يهتز قطاع السياحة، البقرة المقدسة، التي نصلي لها حين تمر، ثم نسارع إلى المسح بروثها على وجوهنا بعد أن تمر!.

اليوم، إرهاب لا يقل بشاعة، يحرق الأخضر واليابس في حقولنا.. قوتنا يحترق.. خبز العباد يحترق.. أكباد الفلاحين تحترق.. فلا تمتد ألسنة اللهب أبعد من دعاء رواد الفيسبوك بأن يحرق أكباد من حرقوا الحقول..

لا الدنيا أظلمت، ولا الأرض ارتجت، ولا الحكام وأحزابهم وبرلمانهم قامت قيامتهم!..

الفلاحة ليست السياحة.. والفلاحون ليسوا أصحاب الفنادق.. لا يملكون لوبي في الإعلام يمكن أن يجعل من فندق يهش صاحبه الذباب، عنوانا أول في الأخبار.. ويمكن أن يحوّل وصول مجموعة من السياح الروس، حليقي الرؤوس، فارغي الجيوب، إلى حدث سيغير الاقتصاد، وينقذ الدينار، ويملأ خزائن البنك المركزي، ويشغّل نصف العاطلين عن العمل!

الفلاحة، ليست السياحة.. الفلاحون لا يعوض لهم عند الحرائق، لأن الحرائق لا تقع تحت طائلة شركات التأمين وإعادة التحيل.. الفلاحون لا يملكون عيونا خضراء، وشعورا صفراء.. الفلاحون أياديهم ليست ناعمة، بل مشققة بفعل الطين الذي يصافحونه كل يوم.. الفلاحون لا يطنطنون بالفرنسية، ولا يعرفون السهرات المخملية، لأنهم ينامون باكرا، فالأرض تنتظرهم عند كل فجر.. الإرهاب هو أن تموت الفلاحات العاملات في حوادث محتشدات النقل الجماعي، ثم يحترق ما زرعنه عند موسم الحصاد..

الإرهاب أن يظل المجرمون طلقاء، يشعلون نار حقدهم في الحقول، مصدر أمننا الغذائي، منذ عرفت روما قبل قرون أن خصوبة أرض تونس هي سرها الدفين. الإرهاب أن نعجز عن القبض على كمشة في المارقين عن القانون، يتبولون على بلد بأسره، دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية العتيدة من الوصول إليهم..

عندما ينهار قطاع الفلاحة في تونس، الجدار الأخير في القلعة المنهارة، سيدرك الجميع المعنى.

شاهد أيضاً

مطار طبرقة عين دراهم الدولي.. المطار اللغز

مطار يقع في الشمال الغربي التونسي على شاطئ البحر على مرمى حجر من الحدود الجزائرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.