معركة بن بشير الكبرى 30 أفريل 1881

قرية بن بشير بجندوبة

هي من أوّل القرى التونسية التي تتصدّى للمستعمر الفرنسي. وسمّيت هذه المعركة بمعركة بن بشير الكبرى وقد شهدت مشاركة مكثّفة للعنصر النّسائي لذلك أطلق عليها اسم: أمّ القرى. وتتمثّل أطوارها :

حسب مصادر فرنسا في أنّ الجنرال لوجرو أرسل طابورا عسكريا إلى قبيلة أولاد سالم لطمأنة السّكان وحملهم على ملازمة دواويرهم، عند وصولهم إلى بن بشير على الساعة السابعة والنصف صباحا، لاحظ القبطان هيمان بعض الهيجان على يسار محطّة القطار في دواوير الشّياحيّة فتوجّه إليهم ضابط من المكتب العربي المسؤول عن الدخول في علاقات مع السكان لطمأنتهم، فاستقبلوه بالرصاص.
إثر ذلك تقدّمت الكتيبة الثّالثة بقيادة القبطان هرفي محاولة الالتفاف حول أحد المرتفعات حيث كان يحتمي بها حوالي 200 من الشيّاحيّة و عند رأس المنخفض وجدت نفسها وسط تجمّع كبير. لم تستطع صدّهم إلاّ بعد ساعة من الصراع، لكن هذا لم يمنع الشياحيّة من التمركز من جديد. ارتفع عدد المنضمّين للمقاومين فناهز 3000 تونسي، فقرّر هرفي التّموقع حول الواد في انتظار وصول المدد من خيّالة وقنّاصة. وإثر وصولهم على السّاعة الحادية عشرة من نفس اليوم، دارت معركة أخرى بينهم وبين المقاومة انتهت بانسحاب الشيّاحيّة. ورغم مطاردة الخيّالة لهم إلا أنّهم حاولوا إعادة التّمركز من جديد لكنّ قنابل الكتيبة صدّتهم. استشهد في هاته المعركة 150 مقاوما مع إفتكاك 1500 رأس من الماشية مع الخيول والبغال والأسلحة…

L’image contient peut-être : texte

أما مصادر تونس حسب تقرير علي باي و ما ورد في مقال صادر بتاريخ الجمعة ، 6 ماي ، 1881 Le Temps :
أخبرني الشاوشي أنه صباح هذا اليوم ، وصل جيش فرنسي من الجزائر وأن قائد عمود سوق الأربع أرسل أمس إلى قبائل جندوبة وأولاد بو سالم و الشياحيه للاستيلاء عليها و كان قد طلب كل من هذه القبائل 300 حصان للصبايحيه و 2000 بغل. وأوضح أولاد بو سالم وجندوبة للجنرال الفرنسي أن بؤسهم و فقرهم لا يسمح لهم بالرد على طلبه. أما بالنسبة للشياحيه فقد رفضوا رسميا. نتيجة لهذا الرفض قامت القوات الفرنسية بزيارة الشياحيه صباح اليوم وهاجمتهم. دافع الشياحيه عن أنفسهم.و أحرق الفرنسيون دوارهم وقتلوا رجالاً ونساءً ، وتم نقل الجرحى إلى الجنرال الذي أمر بقطع رقابهم.و لم تسلم حتى النساء وفتح بطن الحوامل و قتل الطفل بعد إستخراجه وتركه بجانب أمه.
كما أفاد الشاوشي أنه رأى دوارًا محترقًا قُتلت فيه امرأتان حاملتان وأطفالهما على الأرض بجانبهما. وكان على الشاوشي أن يسلك طريقًا آخر لإنقاذ نفسه من رؤية مشهد الرعب الذي واجهه في طريقه.

Aucune description de photo disponible.

كما ورد في تقرير للجنيرال الفرنسي لوجيرو عن ماوقع بعد نهاية المعركة و موقف الجيش التونسي من ذلك و يقول :
أرسل أولاد بو سالم في مساء الثلاثين من أفريل شيوخهم إلى معسكر سوق الإربعاء لطلب الأمان. أما بالنسبة للشياحية وعمدون كانت لديهم الرغبة في الانتقام لموتاهم ، فقد انسحبوا إلى الشمال ، وطلبوا المساعدة من قبائل الرقبة (غارديماو) التي كان يمنعها تواجد جيشنا وبالتالي لم تستطع الرد على دعوتهم و الثأر .
كما قال لوجيرو عن موقف الجيش التونسى وقت القتال :
تمكنت القوات التونسية التي كانت تخيم في سيدي روماني بالقرب من سوق الخميس من مشاهدة القتال الذي اندلع في سهل أولاد بو سالم من بعيد و دون التدخل. و كان يقودهم علي باي الذي شعر بخيبة أمل من نجاحنا و قد كتب على الفور رساله إلى أخيه باي تونس ليعلن على ما وقع في معركة بن بشير قصد إثارة الرأي العام ضدنا…

L’image contient peut-être : une personne ou plus, ciel, plein air et nature

لم تستطع المقاومة الشعبية التونسية الصمود أمام القوات الفرنسية نتيجة للتفوق العسكري الفرنسي قابله قلة الخبرة العسكرية والتقنية لدى الجانب التونسي الذي اعتمد مقاومته على أسلحة قد تجاوزها العصر كما لم يتمكونو من التوحد في ما بينهم لذلك فشلوا في صد العدوان الفرنسي لضعف الإمكانيات القتالية.كما كان تأثير محمد الصادق باي و أعوانه تأثيرا سلبيا على المقاومة بعد خضوعه للمستعمر ووقوفه بجانبه ضد المقاومة الوطنية و مده للفرنسيين المعلومات و الأدلاء العارفين بمخابئ البلاد و طرقاتها و هذا دليل على خيانته لشعبه و مماليكه.و عند وصول جيش الإحتلال إلى باردو اجتمع الباي بمجلس الدولة ليستطلع رأيهم حول توقيع معاهدة الإحتلال مع فرنسا، وقد تباينت الآراء واختلفت داخل المجلس بين مؤيد ومعارض لفكرة التوقيع وظهر موقف معارض تبناه “العربي زروق” الذي عارض أنصار الموقف التخاذلي ودعا الباي إلى عدم الاستسلام والانتقال إلى العاصمة وإعلان المقاومة، ويظهر ذلك من خلال قول العربي زروق:
“الآن لم يبق وجه لتأخير ما اتفقنا عليه أمس، وانتقال سيدنا إلى تونس وهنالك يتجمع حولك نحو ستين ألف مقاتل من أمتك، ويقضى االله بيننا”.
وكان جواب الباي إشارة حزينة بيده إلى العسكر المعاصر للقصر وقال:
“أتريد أن تغضب هذه اللحية بالدم”
فرد العربي زروق:
“يذهب رأس واحد خير من ذهاب رؤوس أمة كاملة”

وفي الأخير لم يقبل الباي بما ذهب إليه العربي زروق، وأقيل العربي من منصبه جزاء عصيانه للباي…و سلم تونس إلى فرنسا مع توقيع (معاهدة باردو) في 12 ماي 1881م و تعهدت فرنسا في هذه المعاهدة بحماية العرش الحسيني الحاكم…

شاهد أيضاً

مطار طبرقة عين دراهم الدولي.. المطار اللغز

مطار يقع في الشمال الغربي التونسي على شاطئ البحر على مرمى حجر من الحدود الجزائرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.