في ليلة تاريخية من نوفمبر/ تشرين الثاني 1989، قرر الآلاف من شباب ألمانيا الشرقية تغيير مجرى التاريخ، فاندفعوا لاختراق الجدار بين الألمانيتين. هذا الجدار الذي كان رمزا لتمزق الأسرة الألمانية، إلا أنه انهار بعد ثلاثين عام، لتدق ساعة الوحدة الألمانية.
خلال ليلة التاسع إلى العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1989، غير المئات من مواطني ألمانيا الشرقية مجرى التاريخ، حين اندفعوا إلى اختراق جدار برلين وإسقاط السور الإسمنتي والإيديولوجي، الذي كان يفصل بين الألمانيتين لمدة ثمانية وعشرين عاما.
ورثت ألمانيا المهزومة في الحرب العالمية الثانية خلافات الحلفاء والاتحاد السوفياتي حول النفوذ في أوروبا، فانقسمت إلى قطاعين، الأول غربي سمي بجمهورية ألمانيا الاتحادية، فيما تأسست في القطاع الشرقي جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وعلى أثر ذلك تحولت برلين إلى بؤرة النزاع في الحرب الباردة.
في آب/أغسطس عام 1961، بنت سلطات ألمانيا الشرقية سورا يفصل برلين الشرقية عن برلين الغربية بطول 155 كيلومترا وبارتفاع يفوق ثلاثة أمتار. كما أقيمت نقاط للمراقبة الأمنية أشهرها “نقطة مراقبة شارلي”.
وظل جدار برلين رمزا لتمزق الجسد الألماني وعنوانا لتفريق أواصر العائلات الألمانية. في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1989، تظاهر عشرات الآلاف في ألمانيا الشرقية ضد نظامها في تحركات شعبية، كانت إيذانا بميلاد عهد جديد، إذ أعلنت ألمانيا الشرقية في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 89 سقوط الجدار وفتح الحدود.
“برلين ستعيش والجدار سيسقط”
وفي تعليق منه على هذا الحدث التاريخي، قال المستشار الألماني السابق ويلي براندت في مقر بلدية برلين “من المؤكد… أنه في الجهة الأخرى من ألمانيا، لا شيء سيظل على حاله. رياح التغيير التي كانت تهب منذ فترة على أوربا، لم يكن من الممكن بأي حال من الأحوال أن تظل بعيدة عن ألمانيا… لقد كنت دائما مقتنعا بأن الجدران الإسمنتية والتقسيم القائم على الأسلاك الشائكة لا يمكن أن يقاوم حركة التاريخ… برلين ستعيش والجدار سيسقط “.
وكان الإعلان عن سقوط برلين زلزالا سياسيا عظيما هز ألمانيا والاتحاد السوفياتي وغيّر موازين العلاقات الدولية في العالم بأسره، فكانت الفرصة التي انتظرها عشرات الآلاف للتدفق إلى ألمانيا الغربية عبر بوابة برندبورغ الشهيرة.
فيما حمل مئات آخرون المعاول لهدم أجزاء من الجدار الذي كان رمزا لسجن كبير حرمهم من الحرية. ولكن عملية هدم الجدار لم تبدأ إلا في 13 يونيو/حزيران 1990. واستغرقت سنتين لإزالة كل التحصينات الحدودية القريبة مما ظل يوصف “بجدار العار”.
نسيم بن معمر